ما هو حكم الاستماع إلى القرآن أثناء النوم ؟

ما هو حكم الاستماع إلى القرآن أثناء النوم ؟

هل يجوز سماع القرآن أثناء النوم؟ وما حكم سماع القرآن بقصد الاستئناس؟  حيث يقوم الكثيرين من الناس بتشغيل القرآن الكريم في مختلف أوقات يومهم، كما يترك الكثيرون صوت القرآن الكريم يصدح في أرجاء المنزل وهم نيام، وخوفًا منهم أن يقترن هذا الفعل بأي إهانة للقرآن الكريم يرغبون في معرفة الحكم الشرعي لهذا.

الاستماع إلى القرآن أثناء النوم

اتفق جميع الفقهاء على أن الاستماع إلى القرآن الكريم في الصلاة واجب، بينما اختلف العلماء في حكم الاستماع للقرآن الكريم خارج الصلاة.

حيث أجمع البعض على أن الاستماع للقرآن الكريم واجب خارج الصلاة، بينما عارضهم البعض مبينًا أن الحكم الصحيح للاستماع للقرآن خارج الصلاة هو مستحب، وقد جاء ذلك على رأيين هما:

أولًا: وجوب الاستماع للقرآن

  • أتى أصحاب المذهب الحنفي وغيرهم بأن الاستماع للقرآن الكريم واجب، كما اعتبر البعض وجوبه عينيًا على كل فرض، واعتبره البعض واجب كفاية.
  • معتمدين في ذلك على قوله تعالى في كتابه الكريم: “وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”، كما جاء في الموسوعة الفقهية أن الاستماع إلى القرآن الكريم واجب خارج الصلاة خصوصًا في حالة عدم وجود أي عذر شرعي للاستماع.
  • لكن بقية نقطة الخلاف حول وجوب الاستماع أهو وجوب عيني أم وجوب كفائي، ولكن ذهب ابن عابدين إلى أنه فرض كفاية، وذلك بخلاف الحموي الذي أشار إلى أن وجوبه عيني.
  • كما قد جاء عن ابن عابدين قوله في ذلك: “الأصل أنّ الاستماع للقرآن فرض كفايةٍ، لأنّه لإقامة حقّه، بأن يكون ملتفتاً إليه غير مضيّعٍ، وذلك يحصل بإنصات البعض، كما في ردّ السّلام”.

لا يفوتك أيضًا: 150 من أسئلة عن القرآن الكريم واجوبتها 2023

ثانيًا: استحباب سماع القرآن الكريم

  • جاء البعض الآخر من جمهور الفقهاء أن الحكم في الاستماع للقرآن من الأعمال المستحبة، وجاءوا بتفسير تلك الآية في أنها تدل على وجوب الاستماع للقرآن الكريم في الصلاة، أما خارجها فالأمر متروك للاستحباب.
  • حيث أشار ابن كثير رحمه الله في تفسيره إلى ذلك فقال: “وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في الآية قوله: “وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” يعني في الصلاة المفروضة”.
  • كما اتجه إلى هذا القول كلًا من لثوري ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والنخعي وقتادة والشعبي وابن جرير، وقد أشار ابن عثيمين رحمه الله تعالى إلى ذلك فقال: “قال الإمام أحمد رحمه الله في هذه الآية: هذا في الصلاة.
  • وقال: أجمعوا على أن ذلك في الصلاة، وعلى هذا فلو كنت بجوار شخص يقرأ القرآن ويجهر به، وأنا أسبح وأهلل فإنه لا يلزمني أن أستمع له، وإنما ذلك في الصلاة فقط”.

رأي السنة النبوية الشريفة في سماع القرآن أثناء النوم

تم البث في حكم الاستماع للقرآن الكريم أثناء النوم على أنه جائز ولا يوجد أي حرج في ذلك، حيث يعتبر الاستماع للقرآن الكريم قبل النوم واحد من الأمور المشروعة في الإسلام.

كما ورد في السنة النبوية أنه يشرع قراءة بعض من الأدعية والأذكار قبل النوم، وإذا قام المسلم بتشغيل القرآن الكريم واستمع إليه ونام فلا يوجد أي حرج عليه، أن الوجوب في الإنصات موجه للإنسان العاقل اليقظ، أما النائم الذي غاب عقله لا يوجد عليه أي إثم.

كما أشار الكثير من الفقهاء في جواز ذلك، مثل ابن العثيمين وغيره، ويقول الشيخ عبد الله المنيع في ذلك:

لا يظهر لي بأس في ذلك، وكونك أخذك النوم وأنت تستمع القرآن: لا تثريب عليك، فالأمر باستماع القرآن حين يُتلى موجه إلى السامع العاقل.

لا يفوتك أيضًا: ما هي أطول كلمة في القرآن الكريم ؟

ما حكم سماع القرآن بقصد الاستئناس؟

الاستماع للقرآن الكريم من أجل الاستئناس لا يوجد فيه أي حرج، حيث قد قام الإمام ابن باز رحمه الله إلى أن القرآن الكريم هو مؤنس المسلم التقيّ.

فلا يوجد أي حرج في حالة أقدم المسلم على الاستماع للقرآن الكريم بهدف إزالة الوحشة والاستئناس بوجود الله عز وجل ورحمته قريبة، كما أن الاستماع إلى القرآن الكريم في الوقت الذي يقوم فيه المسلم بإنجاز بعض المهام مباح ولا يوجد أي حرج به.

كما يقوم ابن عثيمين في ذلك: بعض الناس يقول لي:

لا ينام إلا على سماع القرآن، إذا كان كذلك فلا بأس إذا كان مضطجعاً ينتظر النوم ما عنده شغل، فيستمع هذا لا بأس به، ومن استعان بسماع كلام الله على ما يريد الإنسان من الأمور المباحة، لا بأس ليس هناك مانع.

لا يفوتك أيضًا: كم عدد الفواكه التي ذكرت في القرآن الكريم ؟

حكم الاستماع إلى القرآن أثناء النوم لابن باز

قام الإمام ابن باز رحمه الله بالإشارة إلى أن الاستماع إلى القرآن الكريم عند النوم جائز، ولا يوجد به أي شبهة تسيء إلى كلام الله عز وجل،

وقد سُئل من امرأة تشغل القرآن الكريم حتى تأنس وتنام على آياته، فأجاب رحمه الله تعالى ما يجيز ذلك وقال: “لا أعلم في هذا حرجًا؛ لأن القرآن أنس المؤمن، وهو ذكر لله فاستماعه عبادة، فإذا احتاج الإنسان ليسمعه؛ ليزيل الوحشة، وليستريح قلبه؛ فلا حرج في ذلك، والحمد لله.

فوائد الاستماع إلى القرآن أثناء النوم

الاستماع إلى القرآن أثناء النوم

يتبع تشغيل القرآن الكريم من أجل النوم، أو أثناء النوم فوائد عديدة، سواء كانت من الناحية الجسدية، أو النفسية، أو الروحية، كما تبث في نفس المسلم مشاعر الإيمان وتهديه وتهذبه.

  • إن الاستماع إلى القرآن الكريم أثناء النوم يجعل النفس تشعر بالطمأنينة والسكينة، كما يقوم بتخفيف كلًا من القلق والتوتر الواقعين على عاتق المسلم، كما يساعد على تحسين نوعية النوم لدى جميع المسلمين المستمعين.
  • يفيد الإنسان في حصوله على الهداية من كتاب الله تعالى، فقد قال عز وجل:

“إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا”.

  • يكون المرء قبل النوم في حالة سكينة وتركيز، وهذا قد يدفعه إلى تدبر الآيات بخشوع والاستفادة مما تعنيه، والعمل على تطبيق الأحكام المنزلة في كتاب الله تعالى خلال حياته اليومية.
  • كما أن تشغيل الآيات القرآنية يساعد على تنزيل الرحمات على العبد المسلم ويساهم في توفيقه، ويطرد من دخل نفسه وساوس الشيطان ويساعده على التغلب عليه.
  • يساعد تشغيل القرآن الكريم أثناء النوم على علاج العديد من الأمراض المستعصية عن طريق استخدام الموجات الصوتية التي تخرج من آيات كتابه تعالى، فقد قال عز وجل في كتابه:

“وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا”.

  • بالإضافة إلى ذلك فإن القرآن الكريم يبث في الإنسان القوة والثقة بالنفس من خلال كلام الله تعالى كما يعمل على تحسين مهارات الاتصال.
  • يحصل المسلم عند سماعه إلى القرآن على النور التام في الدنيا والآخرة، حيث قال تعالى في ذلك:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

من الجدير بالذكر أن القرآن الكريم نور ورحمة وهدى، ويتهافت المسلمين على الانقياد خلف جميع ما تحمله آياته من أحكام شرعية ينتفع بها المؤمن في الدنيا والآخرة، وهذا ما يجعل المسلمون يلجئون إلى الاستئناس بكتابه تعالى في كل وقت وزمن.

إغلاق