حكم تهنئة الكفار بأعيادهم والاحتفال برأس السنة الميلادية

حكم تهنئة الكفار بأعيادهم والاحتفال برأس السنة الميلادية

تهتم الشريعة الإسلامية بتنظيم العلاقات بين المسلمين والكفار، وذلك من خلال وضع ضوابط وأحكام تحفظ حقوق الطرفين، وتمنع الظلم والعدوان، ومن بين هذه الضوابط والأحكام، حكم تهنئة الكفار بأعيادهم والاحتفال برأس السنة الميلادية، حيث تختلف آراء العلماء، وذلك تبعًا لاختلاف أسباب التهنئة والاحتفال، واختلاف طبيعة الأعياد والاحتفالات.

ما هو حكم تهنئة الكفار بأعيادهم ؟

يمكن تقسيم أسباب التهنئة والاحتفال إلى قسمين رئيسيين:

القسم الأول: الأسباب الدينية

وهي الأسباب التي تتعلق بالدين أو العقيدة، مثل:

  • تهنئة الكفار بعيد ميلادهم، وذلك لأن عيد الميلاد هو عيد ديني خاص بالمسيحيين، ويحتفلون به بمناسبة ميلاد المسيح عليه السلام.
  • الاحتفال برأس السنة الميلادية، وذلك لأن رأس السنة الميلادية هو عيد ديني خاص بالمسيحيين، ويحتفلون به بمناسبة بداية السنة الجديدة.

القسم الثاني: الأسباب غير الدينية

هي الأسباب التي لا تتعلق بالدين أو العقيدة، مثل:

  • تهنئة الكفار بأعيادهم، وذلك بغض النظر عن كونها أعيادًا دينية أم لا.
  • الاحتفال برأس السنة الميلادية، وذلك بغض النظر عن كونها عيدًا دينيًا أم لا.

حكم تهنئة الكفار بأعيادهم والاحتفال برأس السنة الميلادية

حكم تهنئة الكفار بأعيادهم

ذهب جمهور العلماء إلى أن تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية محرمة، وذلك لما يلي:

  • أن التهنئة تتضمن إقرارًا بصحة عيدهم، وهذا منافٍ لدين الإسلام الذي يرفض عبادة غير الله تعالى.
  • أن التهنئة تُشعر الكفار برضا المسلمين عن دينهم وشعائرهم، وهذا قد يدفعهم إلى التمادي في كفرهم.

وبناءً على ذلك، فإن تهنئة المسلم بالكافر بعيده، أو تهنئته برأس السنة الميلادية، هما من الأمور المحرمة شرعًا، وذلك لأنهما من الأعياد الدينية الخاصة بالكفار.

حكم الاحتفال برأس السنة الميلادية

ذهب جمهور العلماء إلى أن الاحتفال برأس السنة الميلادية محرم، وذلك لما يلي:

  • الاحتفال برأس السنة الميلادية من العادات والتقاليد التي تخالف الشريعة الإسلامية.
  • حيث يُشعر الكفار بأن المسلمون راضين عن شعائرهم، وهذا قد يدفعهم إلى التمادي في كفرهم.

وبناءً على ذلك، فإن الاحتفال برأس السنة الميلادية من الأمور المحرمة شرعًا، وذلك لأنه عيد ديني خاص بالكفار.

حكم تهنئة الكفار بأعيادهم والاحتفال برأس السنة الميلادية

الرأي المخالف من العلماء

ذهب بعض العلماء إلى جواز تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية، وذلك في حالة عدم إقرار المسلمين بصحة عيدهم، أو في حالة عدم إشعار الكفار برضا المسلمين عن دينهم وشعائرهم.

وذهب هؤلاء العلماء إلى أن التهنئة في هذه الحالة لا تعد إقرارًا بصحة عيد الكفار، وإنما هي مجرد تعبير عن المحبة والتقدير، ولذلك فهي جائزة شرعًا.

الرأي الراجح

الرأي الراجح هو رأي جمهور العلماء، وهو أن تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية محرمة، وذلك لما سبق بيانه من الأدلة الشرعية أما الاحتفال برأس السنة الميلادية، فهو أيضًا محرم، وذلك لما سبق بيانه من الأسباب.

أسباب اختلاف العلماء

يرجع اختلاف العلماء في حكم تهنئة الكفار بأعيادهم، وحكم الاحتفال برأس السنة الميلادية، إلى عدة أسباب، منها:

  • في فهم النصوص الشرعية الواردة في هذا الموضوع.
  • اختلاف العلماء في تحديد مفهوم التهنئة والاحتفال.
  • في تقدير المصالح والمفاسد المترتبة على التهنئة والاحتفال.

اطلع على: ما هو الفرق بين الكريسماس ورأس السنة الميلادية ؟

الادلة الشرعية التي تحرم تهنئة الكفار بأعيادهم

الأدلة الشرعية التي تحرم تهنئة الكفار بأعيادهم كثيرة، منها:

قول الله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ}[ref][الممتحنة: 1].[/ref]

قول الله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}[ref][هود: 113].[/ref]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من تشبه بقوم فهو منهم”[ref]الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : العراقي | المصدر : تخريج الإحياء للعراقي | الصفحة أو الرقم : 1/359 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4031) واللفظ له، وأحمد (5114) مطولاً [/ref]

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من أتى قومًا ببدعتهم فابتاعها منهم، فهو منهم”

قول النبي صلى الله عليه وسلم: “من هنأ أهل الكفر بفخرهم أو نعمتهم، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم”.[ref]الراوي : أبو هريرة | المحدث : الذهبي | المصدر : الكبائر للذهبي | الصفحة أو الرقم : 329 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح [/ref]

ما هي المبررات التي يقدمها أصحاب الرأي المخالف

يقدم أصحاب الرأي المخالف لتحريم تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية، عدة مبررات، منها:

  • أن التهنئة لا تتضمن إقرارًا بصحة عيد الكفار، وإنما هي مجرد تعبير عن المحبة والتقدير.
  • التهنئة لا تُشعر الكفار برضا المسلمين عن دينهم وشعائرهم، وإنما هي مجرد تعبير عن مشاركة المسلم لهم في فرحهم.
  • لا تشبه المسلمين بالكفار في احتفالهم بأعيادهم، وإنما هي مجرد تعبير عن حسن الخلق وحسن المعاملة.

ولكن، تبقى هذه المبررات غير مقنعة، وذلك للأسباب التالية:

  • التهنئة بحد ذاتها تعبير عن الفرح والرضا بما يتم فيه التهنئة، وبالتالي فإنها تتضمن إقرارًا بصحة عيد الكفار.
  • قد تُشعر الكفار برضا المسلمين عن دينهم وشعائرهم، وذلك حتى لو لم يقصد المسلم ذلك.
  • قد تؤدي إلى التشبه بالكفار في احتفالهم بأعيادهم.

اطلع على: كم مدة عطلة رأس السنة الميلادية في السعودية 

ما هي الآثار المترتبة على تهنئة الكفار بأعيادهم وعلى الاحتفال برأس السنة

الآثار الدينية

  • الانحراف عن عقيدة التوحيد، حيث أن تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية تتضمن إقرارًا بصحة دينهم، وهذا منافٍ لعقيدة التوحيد التي ترفض عبادة غير الله تعالى.

الآثار الاجتماعية

  • الأولى: الفتنة والشقاق بين المسلمين والكفار، حيث أن تهنئة الكفار بأعيادهم قد تؤدي إلى فتنة المسلمين بالكفار، وإلى شقاق بين أبناء المجتمع الواحد.
  • الثانية: التأثير على الهوية الإسلامية، حيث أن الاحتفال برأس السنة الميلادية قد يؤدي إلى التأثير على الهوية الإسلامية للمسلمين، وإلى انحرافهم عن دينهم.

الآثار السياسية

  • الأولى: تقوية نفوذ الكفار، حيث أن تهنئة الكفار بأعيادهم تُشعرهم بقوتهم ونفوذهم، وهذا قد يؤدي إلى تقوية نفوذهم في المجتمع، وإلى إضعاف نفوذ المسلمين.
  • الثانية: الرضوخ للظلم والطغيان، حيث أن تهنئة الكفار بأعيادهم قد تؤدي إلى الرضوخ للظلم والطغيان من قبل الكفار، وذلك لأنهم سيشعرون أن المسلمين لا يمانعون في التشبه بهم.

وعليه، فإن الآثار المترتبة على تهنئة الكفار بأعيادهم وعلى الاحتفال برأس السنة الميلادية، آثار خطيرة ومضرة، ينبغي على المسلم أن يتجنبها، وذلك التزامًا بأحكام دينه، وصيانةً لدينه وعقيدة.

اطلع على: أحلى كلام تهنئة رأس السنة الميلادية الجديدة 

ما هي البدائل التي يمكن للمسلمين القيام بها بدلاً من تهنئة الكفار بأعيادهم؟

هناك العديد من البدائل التي يمكن للمسلمين القيام بها بدلاً من تهنئة الكفار بأعيادهم، ومنها:

  • الدعاء لهم بالتوفيق والهداية، وذلك في إطار الدعوة إلى الله تعالى.
  • التعامل معهم بالحسنى والأخلاق الحسنة، وذلك في إطار حسن الجوار والتعامل مع الناس بالمعروف.
  • الدعوة لهم بالخير والسعادة، وذلك في إطار رغبة المسلم في الخير للجميع.

وإليك بعض الأمثلة على هذه البدائل:

  • إذا وجدت كافر بعيد ميلادك، فيمكنك أن تقول له: “أسأل الله لك التوفيق والهداية”.
  • إذا صادفت كافر يحتفل برأس السنة الميلادية، فيمكنك أن تقول له: “أتمنى لك عامًا سعيدًا ومباركًا”.
  • إذا كنت تتعامل مع كافر في عملك أو في مجال الدراسة، فيمكنك أن تعامله بالحسنى والأخلاق الحسنة، وأن تدعو له بالخير والسعادة.

وهذه البدائل كلها تعبير عن حسن الخلق وحسن المعاملة، وهي جائزة شرعًا، ولا تتضمن إقرارًا بصحة عيد الكفار، أو إشعارًا لهم برضا المسلمين عن دينهم وشعائرهم.

ولعل من أهم هذه البدائل، الدعوة إلى الله تعالى، وذلك لأن التهنئة بأعياد الكفار تشبه التشبه بهم في احتفالهم بأعيادهم، بينما الدعوة إلى الله تعالى هي تعبير عن الإيمان بالله تعالى، ورغبة المسلم في هداية الكفار إلى دين الإسلام.

وبناءً على ذلك، فإن موضوع تهنئة الكفار بأعيادهم، وحكم الاحتفال برأس السنة الميلادية، من الموضوعات المهمة التي ينبغي أن يطلع عليها المسلمون، حتى يكونوا على بينة من أمرهم، ويلتزموا بأحكام دينهم.

إغلاق